للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم هذا القول من ابن بطال ومن قال به مجرد دعوى، لا برهان عليها، فمن أين لهم استحالة أن يكون الله في مكانه، وكتب الله وسنة رسوله ظاهرة في ذلك جلية تنادي بأن الله فوق عرشه مستو عليه، عال على خلقه؟

أما يستحيون من الدعاوى الكاذبة، التي يريدون بها التشنيع على أتباع الرسل؟!

وقد علم أن مقصودهم بالجسم: ما شغل مكاناً، أو ما يصلح أن يقال إنه هنا أو هناك، أو ما صحت الإشارة إليه، أو ما كان له مقدار.

وتقدم من الأدلة على استواء الله - تعالى - على عرشه، وعلوه على خلقه، وأنه يشار إليه، ويقال: إنه في السماء، ما فيه مقنع لمن يريد الحق.

وأما قوله: ((في جنة عدن راجع إلى القوم)) فمراده: أن القوم في جنة عدن، وأنه لا يجوز أن يقال: إن الله يرى في جنة عدن، وإنما معناه الإخبار بأن القوم في جنة عدن.

فيقال: أولاً: هذا رد صريح لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفى بذلك ضلالاً، وبعداً عن سبيل المؤمنين.

ويقال: ثانيا: إن هذا من جنس تأويلات أهل البدع الباردة، التي لا تصدر عن عربي يعرف معنى ما يقول، فضلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفصح العرب، وكونهم في جنة عدن قد علم من أول الحديث؛ لأنه قال: ((جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما)) ... الخ، ثم أخبر أن رؤيتهم لربهم قريبة، ليس دونها إلا رفع الحجاب، فهم يرونه في جنة عدن من فوقهم، يوضحه الحديث المتقدم: ((إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة، وسقفه عرش الرحمن)) ، ومن أجل ذلك أورده البخاري - رحمه الله - في هذا الباب مستدلاً به على رؤية الله - تعالى - كما هو واضح وصريح في ذلك.

****

<<  <  ج: ص:  >  >>