بعد العصر، ليقتطع بها مال امرئ مسلم، وهذا يكون عند من يحكم بين الحالف والمحلوف له، وهو الحاكم؛ لأن المحلوف له يلزم بأن هذا المال للحالف بمقتضى يمينه، وهذا هو معنى الاقتطاع.
وخص المسلم لأن ماله أشد حرمة، وحقه على أخيه المسلم أعظم، وإلا فمال الكافر غير المحارب لا يجوز أخذه إلا بحق.
وخص وقت بعد العصر لفضله، ولأنه آخر النهار الذي أثنى الله على المسبحين فيه لقرب نهاية النهار وختم عمله، وقرب الليل الذي فيه النوم المذكر بالمصير إلى الله - تعالى -، وهو وقت أصوات الداعين لله والمسبحين.
وهذه اليمين هي الغموس سميت بذلك؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم فلا يخرج منه إلا أن يشاء الله - تعالى - فإنه يخرج الحي من الميت.
النوع الثالث: منع فضل الماء الذي زاد عن حاجته، ويحتاج إليه سالك الطريق؛ وذلك لأن الماء يتجدد بدله كلما أخذ منه، ولا يضر بذله، فمانعه لا يكون إلا لئيماً خبيث النفس، يقصد الأذية، وليس لديه رحمة للخلق، ولا رغبة في الخير.
وفهم من قوله:((فضل ماء)) أن ما يحتاجه لشربه هو ومن يلزمه إعاشته لا يلزمه بذله.
ولكون الماء يتجدد بما أخذ منه، ولا صنع للإنسان فيه، كالطعام مثلاً واللباس الذي يحتاج معالجة وعملاً، لأجل ذلك يقول الله - تعالى - يوم القيامة:((اليوم أمنعك فضلي، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك)) .
ومن منع فضل الله فهو الخاسر الخسران الأبدي.
وقوله:((يقول الله)) إلى آخره، لا يعارض أول الحديث أن هؤلاء