للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقه فيها جمعاً خفياً)) (١) .

وهذا الذي ذكره ابن رجب وشيخه ابن القيم – رحمهما الله تعالى – يكاد يكون متفقاً مع ما يقرره الأطباء حديثاً، وقد أصبحت الأجنة مشاهدة بواسطة آلات التصوير والمناظير، فصارت عند علماء الأجنة من الأطباء من الأمور الظاهرة، وعندهم التخليق يبدأ مبكراً من أيام الأربعين الأولى، وأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا تخالف الواقع، وإنما يأتي الغلط من عدم فهم مراده - صلى الله عليه وسلم -.

وقد ذكر خلق الإنسان في مواضع عديدة من القرآن، كما قال تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} (٢) ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ {١٢} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {١٣} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (٣) وحديث عبد الله يتفق مع هذه الآية الكريمة.

ولدلالة خلق الإنسان على خالقه، وعظيم قدرته، وعلى إعادته بعد موته، وعلى وجوب عبادة الله وحده، أكثر الله – تعالى – من ذكره في كتابه، وأمر عباده بالاعتبار به.

والملك الذي يرسل إلى النطفة في الرحم خلقه الله لذلك، وجعل ذلك وظيفته، وقد جعل الله – تعالى – لملائكته أعمالاً يختص بها كل فريق منهم.

قوله: ((فيؤذن بأربع كلمات، فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد)) .


(١) ((التبيان)) (ص٣٣٧) .
(٢) الآية ١٤ من سورة نوح.
(٣) الآيات ١٢ – ١٤ من سورة المؤمنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>