قال الحافظ:((المراد بالكلمات: القضايا المقدرة، وكل قضية تسمى كلمة)) (١) .
وهذا هو الذي عناه العلماء بقولهم في هذا الحديث: وجوب الإيمان بالقدر، فكل ما سيجري على هذه النطفة التي ذكر تكوينها في أول بدايتها، مكتوب مفروغ منه، قبل وجودها، فما تأكله مكتوب مسجل، لا يزيد ولا ينقص، وما تعمله كذلك، وبقاؤها حية في هذه الدنيا كذلك، ونهايتها ومصيرها مسجل معلوم لله – تعالى -: فالسعادة والشقاوة قد سبق بهما الكتاب، غير أن ذلك مقدر بحسب الأعمال التي يعملها هذا المخلوق، ومرتب عليها، بمعنى أن الله علم ذلك فكتبه، وكل ميسر لما خلق له.
وهذا أصل عظيم من أصول الإسلام، لا يمكن أن يستقيم لأحد دينه إلا بالإيمان به، وهو محل الشاهد الذي ساقه البخاري من أجله، فقد سبقت كلمة الله لعباده السعداء بالسعادة قبل وجودهم، وذلك فضل من الله ورحمة تفضل عليهم بذلك.
وظاهر حديث عبد الله بن مسعود هذا أن الكتابة تكون بعد الأربعين الأخيرة، وحديث حذيفة بن أسيد ظاهر في أن الكتابة تكون بعد الأربعين الأولى.
قال ابن رجب: ((جمع بعضهم بينهما بأن الكتابة تكون مرتين، ثم قال: وقد يقال: إن إحداهما في السماء، والأخرى في بطن أمه.
والأظهر أنها مرة واحدة.
ولعل ذلك يختلف باختلاف الأجنة، فبعضهم يكتب له ذلك بعد الأربعين