للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا َ} (١) .

وصح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة)) (٢) .

قال البيهقي عن الخطابي: معنى النهي عن التخيير بين الأنبياء: ترك التخيير بينهم على وجه الإزراء ببعضهم، فإنه ربما أدى ذلك إلى فساد الاعتقاد فيهم، والإخلال بالواجب من حقوقهم والإيمان بهم.

وليس معناه أن يعتقد التسوية بينهم في درجاتهم، فإن الله – عز وجل – قد أخبر أنه فاضل بينهم، فقال: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} .

وقوله: ((أنا سيد ولد آدم)) إنما هو إخبار عما أكرمه الله به من الفضل، والسؤدد، وتحدث بنعمة الله – تعالى – عليه، وإعلام لأمته بعلو مكانه عند ربه؛ ليكون إيمانهم بنبوته واعتقادهم لطاعته على حسب ذلك، وبيان هذا لأمته من اللازم له، والمفروض عليه)) (٣) .

قوله: ((لا تخيروني على موسى)) أي: لا تقولوا: أنا خير من موسى، وجاء النهي عن التخيير بين الأنبياء عامة، وهذا خاص بموسى؛ لأن المقام يقتضي ذلك لأجل ما وقع بين اليهودي والمسلم، وسبق وجه النهي. ثم ذكر ما يقتضي تفضيل موسى في كونه يجده باطشاً بجانب العرش، فيكون قد أفاق قبله أو لم يصبه الصعق، كما سبق بيانه. والمقصود هنا قوله: ((أو كان ممن استثنى الله)) أي: في قوله تعالى:: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ َ} (٤) ، ففي هذه الآية أن الخلق لا ينجو أحد منهم


(١) الآية ٥٥ من سورة الإسراء.
(٢) رواه مسلم (٤/١٧٨٢) رقم (٢٢٧٨) .
(٣) ((دلائل النبوة)) (٥/٤٩٥-٤٩٦) .
(٤) الآية ٦٨ من سورة الزمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>