للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((وقال أبو نصر السجزي: ((فأما الله – تعالى – فإنه متكلم فيما لم يزل، ولا يزال، إذا شاء ذلك، ويكلم من يشاء تكليمه بما يعرفه [المخاطب] ولا يجهله، وكلامه أحسن الكلام، وفيه سور، وآي، وكلمات، وكل ذلك حروف، وهو المسموع منه على الحقيقة سماعاً يعقله الخلق، وجائز وجود أعداد من المكلمين يكلمهم في حال واحدة، يما يريده من كل واحد منهم، من غير أن يشغله تكليم هذا عن تكليم هذا)) (١) .

وقال أيضا: ((لما وجدنا أحكام الشريعة المتعلقة بالكلام منوطة بالنطق الذي هو حرف وصوت، دون ما في النفس، علمنا أن حقيقة الكلام هو الحرف والصوت.

فلو حلف امرؤ أنه لا يتكلم ساعة من النهار، فأقام في تلك الساعة يحدث نفسه بأشياء، ولا ينطق بها، كان باراً، غير حانث.

ولو كان الكلام هو ما في النفس، حنث في أول ما يحدث به نفسه)) (٢) .

وقال أيضا: (فالله – تعالى – قد بين في كتابه ما كلامه، وبين ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – واعترف به الصدر الأول والسلف الصالح، فقال الله - تعالى-: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} (٣) ، وقال: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن} ِ (٤) ، والمستجير لا يسمع إلا كلاماً ذا حروف، والقارئ لا يقرأ إلا كلاماً ذا حروف.

ولما سمى تعالى هذا القرآن كلامه، علم أن كلامه حروف، وقد أكد ذلك بذكر الحروف المقطعة في أوائل السور ... {كَهيعص} ونحوها.


(١) المصدر السابق (ص٨٨) ملخصاً.
(٢) ((الرد على من أنكر الحرف والصوت)) لأبي نصر، رسالة ماجستير (ص١٧٦) .
(٣) الآية ٦ من سورة التوبة.
(٤) الآية ٢٠ من سورة المزمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>