– صلى الله عليه وسلم – ذات يوم:((يا أبا موسى، لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة)) قلت: أما – والله – لو علمت أنك تسمع قراءتي لحبرتها لك تحبيراً)) (١) .
ومن تأمل الأحاديث الواردة في ذلك تبين له أن معنى قوله:((يتغنى بالقرآن)) : تحسين الصوت وتزيينه بما يستطيع القارئ، والتغني لا يكون إلا بالكلام ذي الحروف، كما أن الاستماع لا يكون إلا للكلام المصوت به، وهذا هو وجه استدلال البخاري بهذا الحديث.
فالقرآن الذي يحب الله من عبده أن يتغنى به، ويحب استماعه إليه في ذلك، ينطق به بالحروف ويصوت به.
والله – تعالى – قد تكلم به بصوت نفسه، وبهذه الحروف المكتوب بها.
((وذكر الطبري)) عن الشافعي، أنه سئل عن تأويل ابن عيينة:((التغني بالاستغناء)) فلم يرتضه، وقال:((لو أراد الاستغناء، لقال: يستغني وإنما أراد تحسين الصوت)) ويؤيده ما في رواية الطبري: ((ما أذن لنبي في الترنم في القرآن)) .
وفي رواية عبد الرزاق:((ما أذن لنبي حسن الصوت)) ، وهو عند مسلم.
وفي رواية للطحاوي:((حسن الترنم بالقرآن)) .
قال الطبري: الترنم لا يكون إلا بالصوت، إذا أحسنه القارئ، وطرب به، ولو كان معناه: الاستغناء، لما كان لذكر الصوت والجهر معنى)) .
ولا نعلم في كلام العرب ((تغنى بمعنى استغنى، ولا في أشعارهم)) .