وصفاته كلها صفات كمال، وأفعاله كلها حكمة ورحمة ومصلحة، وخيرات لا شرور فيها.
وهذا ثناء يشعر بالعظمة والرفعة والسعة، كما يقال: تعاظم، وتعالى ونحوه، فهو دليل على عظمته، وكثرة خيره، ودوامه، واجتماع صفات الكمال فيه، وأن كل نفع في العالم كان ويكون، فمن نفعه - سبحانه - وإحسانه.
ويدل هذا الفعل أيضاً في حقه على العظمة، والجلال وعلو الشأن)) (١) .
قوله:((إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل)) .
صريح في أن الله - تعالى - يحب من يشاء من عباده من أهل الطاعة له والتقوى، كما هو صريح أيضاً في أنه - تعالى - يتكلم وينادي متى يشاء لمن يشاء، وفي هذا الحديث النداء لجبريل خاصة، وتقدم أن النداء لا يكون إلا بصوت مرتفع، وأن مثل هذه النصوص من أبلغ الأدلة على إثبات صفة الكلام لله - تعالى -، وهذا القدر من الحديث هو المقصود، إذ هو محل الشاهد، وفيه: أن جبريل عليه السلام بمجرد إخبار الله له بأنه تعالى يحب العبد يحبه، وأنه هو سفير الله - تعالى - إلى الملائكة، كما أنه سفيره إلى الرسل من البشر، ولهذا قال:((ثم ينادي جبريل في السماء)) ، مما يعجب له العاقل أن جميع شراح الحديث الذين اطلعت على أقوالهم يقولون: إن هذا النداء من جبريل نداء حقيقي يسمع منه بصوته، تسمعه ملائكة السماء، وأكثرهم يقول: إن النداء المسند إلى الله - تعالى ليس حقيقياً، وإنما معناه: أمره لمن ينادي، أو إعلام جبريل بما يفهم منه أن الله يحب ذلك العبد.
(١) ((جلاء الأفهام)) (ص٢٠٦-٢٠٧) . وانظر بقية الكلام فيه.