للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا فكر، ولا روية – فعل العجزة الضعفة من الخلق – ولكنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما.

ثم هو تعالى مجاز عباده على كل ذلك، فلذلك امتدح نفسه – جل ذكره – بسرعة الحساب، وأخبر خلقه أنه ليس لهم بمثيل، فيحتاج في حسابه إلى عقد كف أو وعي صدر)) (١) .

وقال على قوله: {وَهُوَ أَسرَعُ الحَسِبِينَ} أي: أسرع من حسب عددكم، وأعمالكم وآجالكم، وغير ذلك من أموركم – أيها الناس -، وأحصاها، وعرف مقاديرها ومبالغها؛ لأنه لا يحسب بعقد يد، ولكنه يعلم ذلك ولا يخفى عليه منه خافية، {لاَ يَعزُبُ عَنهُ مِثقَالُ ذَرَّةٍ فيِ السَّمَاوَاتِ وَلا فيِ الأَرضِ وَلاَ أصغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكبَرُ إِلا فيِ كِتَابِ مُّبِينٍ} )) (٢) .

وهو – جل ذكره – سريع محاسبة عباده يوم القيامة، حيث لا يشغله محاسبة واحد عن الآخر.

((اهزم الأحزاب وزلزلهم)) الهزيمة هي: القهر والإذلال، والزلزلة: الاضطراب، وعدم الثبات، فهو يدعو عليهم بأن يقهرهم، ويذلهم بأيدي المسلمين، وأن ينزل عليهم الرعب والخوف الذي يزلزل قلوبهم وأجسامهم.

قوله: ((زاد الحميدي)) إلى آخره: مراده به: التصريح بالسماع، بخلاف قتيبة بن سعيد فإنه عنعن السند.

والمقصود من الحديث قوله: ((اللهم منزل الكتاب)) فإنه تعالى أنزله منه، فهو قوله ووصفه، ولو كان مخلوقاً كما يقوله الضالون، ما احتاج إلى إنزال بل يخلقه في أي مكان، فهو تعالى أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله


(١) ((تفسير الطبري)) (٤/٢٠٧-٢٠٨) بتحقيق محمود شاكر.
(٢) المصدر السابق (١١/٤١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>