للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صوته، وألا يخافت به بحيث لا يسمعه من عنده من المسلمين، بل يبتغي بين الجهر والإخفات سبيلاً، فيكون وسطاً بين الجهر والإخفات.

والمقصود قوله: ((أُنْزِلَت ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – متوار بمكة)) والإنزال غير الخلق، بل هو كلامه، نزل بعلمه – تعالى – فهو صفته.

فلا يجوز أن يعطى حكم المخلوق المفعول، كما أن المخلوق لا يجهر به ولا يخافت، وكون الرسول – صلى الله عليه وسلم – وغيره ممن يقرؤه، يرفع صوته به أو يخفضه، لا يخرجه من كونه كلام، بل هو دليل على أنه كلام الله – تعالى – قرأه عبده، فرفع به صوته أو خفضه؛ لأن الكلام لمن قاله مبتدئاً، لا لمن قاله مبلغاً مؤدياً، كما سيأتي بيان ذلك.

قال: ((باب قول الله – تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ، {إِنَّهُ لَقَولُ فَصلُ} حق. {وَمَا هُوَ بِالهزلِ} باللعب.

قال الله – تعالى: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} (١) .

قال ابن جرير: ((يقول – تعالى ذكره – لنبيه محمد – صلى الله عليه وسلم -: سيقول لك المخلفون في أهليهم عن صحبتك – إذا سرت معتمراً، تريد بيت الله الحرام، إذا انطلقت أنت ومن صحبك في سفرك ذلك إلى ما أفاء الله عليك وعليهم من الغنيمة {لِتَأخُذُوهَا} ، وذلك ما كان الله وعد أهل الحديبية من مغانم خيبر -: {ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} إلى خيبر، فنشهد معكم قتال أهلها: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ، يقول: أن يغيروا وعد الله لأهل الحديبية،


(١) الآية ١٥ من سورة الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>