قال شيخ الإسلام:((إذا قال [أهل التأويل] : النزول، والاستواء، ونحو ذلك من صفات الأجسام، فإنه لا يعقل النزول، والاستواء، إلا لجسم مركب، والله منزه عن هذه اللوازم، فيلزم تنزيهه من ذلك.
أو قالوا: هذه حادثة، والحوادث لا تقوم إلا بجسم مركب.
وكذلك إذا قالوا: الرضا والغضب، والفرح، والمحبة، ونحو ذلك هو من صفات الأجسام.
فيقال لهم: وكذلك الإرادة، والسمع والبصر، والعلم، والقدرة، من صفات الأجسام، فكما لا يعقل ما يسمع، ويبصر، ويريد، ويعلم، ويقدر، إلا جسم.
وإن قالوا: سمعه ليس كسمعنا، وبصره ليس كبصرنا، وإرادته وعلمه وقدرته.
قيل: وكذلك نزوله، واستواؤه، ورضاه، وغضبه، وفرحه، ليس كنزولنا واستوائنا، ورضانا وغضبنا وفرحنا.
فإن قالوا: لا يعقل في الشاهد نزول إلا انتقال، فيقتضى تفريغ مكان، وشغل آخر.
قيل: كذلك لا يعقل في الشاهد إرادة إلا ميل القلب إلى جلب ما يحتاج إليه المريد وينفعه، وفي ذلك فقره إلى ما سواه، ودفع ما يضره.
والله أخبرنا كما في الحديث الإلهي بقوله: ((إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني)) . فهو منزه عن الإرادة التي لا يعقل في الشاهد إلا هي، وكذا السمع لا يعقل إلا بدخول صوت في الصماخ، وذلك لا يكون إلا في جوف، والله منزه عن ذلك، فهو أحد صمد، كما قال ابن مسعود، وابن عباس، وغيرهما من السلف: ((الصمد: الذي لا جوف