للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: قال الله: ((أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)) .

قال: قال الله تعالى: ((فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ)) (١) .

فلا يعلم بما أعد الله لهم من الكرامة والنعيم إلا الله – تعالى – الذي خلقه، ولذلك قال: ((أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)) فلا أحد يستطيع وصفه؛ لأنه لم يره، ولم يسمع بمثله، ولا يتصوره أحد، وإنما يعلمه الله وحده.

روى مسلم في ((صحيحه)) ، من حديث المغيرة بن شعبة، يرفعه، قال: ((سأل موسى ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي رب، كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب، فيقول: هذا لك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت رب، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك، فيقول: رضيت يا رب.

قال: رب، فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر. قال: ومصداقه في كتاب الله – تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (٢)

قال القرطبي: ((وهذه الكرامة إنما هي لأعلى أهل الجنة منزلاً، كما بينه


(١) الآية ١٧ من سورة السجدة.
(٢) الآية ١٧ من سورة السجدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>