وترجو الله - تعالى - أن يرى نبيه في المنام ما يكون فيه براءتها، ولكن الله بر كريم، وعدل حكم، له فيما يشرعه من الحكم والمنن على خلقه ما لا يحاط به، ومن ذلك ما أنزله على نبيه ببراءة زوجه أم المؤمنين، مما رماها به أهل النفاق والبهت، فحصل بذلك سروره، وسرور زوجه ووالديها والمؤمنين إلى يوم القيامة.
كما حصل بذلك فضيحة المنافقين وخزيهم وبيان كذبهم، وظهور نياتهم الخبيثة، وانكشاف شيء من مؤامراتهم ضد نبي الله، وما جاء به من هذا الدين العظيم، وغير ذلك من الحكم.
قوله:((فأنزل الله - تعالى - {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالإِفكِ} العشر الآيات، الذي نزل في هذه الواقعة ثماني عشرة أية، كما سبق في كلام الزمخشري - رحمه الله -.
والمقصود من الحديث - كما سبق قريباً - قولها: ((ما كنت أظن أن الله ينزل براءتي وحياً يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى)) ؛ لأن فيه التصريح بأن الله يتكلم بأمره، وما يشرعه لعباده، وما يحكم به بينهم، وما يعدهم، أو يتوعدهم به، على أعمالهم، وينزل ذلك منه على نبيه، الذي يبلغ عنه.
ولا يمكن أن يأمر وينهى ويحكم، ويعد ويتوعد، ويجزي، إلا بقوله الذي يتكلم به، وليس قوله محصوراً في كتبه التي تَعَبَّدَ عباده بتلاوتها، في الصلاة وغيرها، ولكن كل ما يحكم به بين خلقه، وما يشرعه لعباده، وعده ووعيده كله بكلامه.
والمنافقون والكفار يريدون أن يبدلوا كلام الله الذي هو شرعه ودينه فيخالفونه، أو لا يمتثلونه، والله يجزيهم بما يستحقون ولا يظلمهم.