للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان هو المقصود بالأذي، فلذلك تولى الله - تعالى - الدفاع عنه، والرد على أعدائه، وذمهم، وتوعدهم بالعذاب العظيم)) (١) .

قولها: ((ولكن والله - الله - ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحياً يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم فيّ بأمر يتلى)) كانت رضي الله عنها في نفسها صغيرة، ولكنها عند الله، وعند المؤمنين، عظيمة كبيرة؛ لأنها زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحبيبته، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه، حينما سئل: أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة، فقال السائل: ومن الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر)) (٢) .

وقال صلى الله عليه وسلم: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) أخرجاه في ((الصحيحين)) (٣) .

وهكذا أهل الفضل يحتقرون أنفسهم، ويزدرونها في حق الله - تعالى -، وذاك مما يعلي منازلهم عند الله - تعالى -.

وفيه التصريح بأن الله يتكلم بما يوحيه إلى نبيه، وكلامه - تعالى - منه ما يتعبد بتلاوته كالقرآن، وغيره كهذه الأحاديث التي ذكر البخاري شيئاً منها، وفيه أن كلامه ينزل من الله، فالله فوق خلقه، وكلامه غير مخلوق، وغير محصور في الكتب المنزلة، وهذا هو وجه الدليل منه.

وقولها: ((ولكني كنت أرجو أن يرى رسوله الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها)) وذلك ليقينها ببراءتها، وثقتها بأن ذلك سوف يظهر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت تطمع


(١) ((زاد المعاد)) (٣/٢٦١-٢٦٣) ملخصاً.
(٢) رواه مسلم (٧/١٠٩) .
(٣) البخاري (٥/٣٦) ومسلم (٧/١٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>