للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن على بن المرتضى اليماني-رحمه الله تعالى-: "الأمر الثاني: وهو النقص في الدين، برد النصوص والظواهر، ورد حقائقها إلى المجاز، من غير حجة قاطعة، تدل على ثبوت الموجب للتأويل، إلا مجرد التقليد لبعض أهل الكلام في قواعد لم يتفقوا عليها، وأفحش ذلك مذهب القرامطة الباطنية في تأويل الأسماء الحسنى كلها، وفيها عن الله-تعالى-، على سبيل التنزيه

له عنها، وتحقيق التوحيد بذلك، ودعوى أن إطلاقها يقتضي التشبيه، حتى قالوا: لا يقال" إنه موجود، ولا معدوم.

فكما أن كل مسلم يعلم أن هذا كفر صريح، فكذلك المحدث الذي طالت مطالعته للآثار، وقد يعلم أن تأويل بعض المتكلمين مثل ذلك.

ومن الضروري ورود أسماء الله الحسنى في كتابه على سبيل التمدح بها والثناء العظيم عليه بها، ألا ترى-مثلاً- أن الرحمن الرحيم متلوان في جميع الصلوات، مذكوران في أكثر محافل المسلمين، مجمعين على أنهما أحسن الثناء على الله- تعالى- متقربين إلى الله-تعالى- بمدحه بهما؟

وكرر-تعالى- التمدح بالرحمة في كتابه أكثر من خمسمائة مرة، باسم الرحمن أكثر من مائة وستين مرة، وباسمه الرحيم أكثر من مائتي مرة، وجمعهما مائة وستين مرة. وجاء الرحيم مقترناً مع التواب مراراً، ومراراً مع الرؤوف، والرأفة أشد الرحمة، مراراً مع الغفور، وهي كثيرة، عرفت منها سبعة وستين موضعاً.

وقد فطر الله العقول على معرفة رحمة الله، وسعة علمه، وكمال قدرته.

فما هو المانع من إثبات صفة الرحمة ونحوها مما أثبته الله ورسوله، مع نفي النقائص المتعلقة بصفات المخلوقين في حياتهم، وكذلك كل صفة يتصف بها الرب-تعالى- ويوصف بها العبد. فإنه –جل وعلا- يوصف بها على أكمل وجه، خالية عن جميع النقائص، والعبد يوصف بها على ما يناسبه، من نقص وضعف، وبهذا فسر أهل السنة نفي التشبيه، ولم يفسروه بنفي الصفات كما فعل المعطلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>