قوله:((هذا مقام العائذ بك من القطيعة)) الإشارة إلى ما ذكر في الرواية التي أشرت إليها، وهي قوله:((قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن)) ، وهذا أعظم مقام، والعائذ به استعاذ بأعظم معاذ، وهو دليل على تعظيم صلة الرحم، وعظم قطيعتها.
والقطيعة: عدم الوصل، والوصل: هو الإحسان إلى ذوي الرحم، والتودد له والقرب منه، ومساعدته بإسعافه بما يرضيه، ودفع ما يؤذيه، والحرص على جلب ما ينفعه في الدنيا والآخرة.
قوله:((ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك)) من وصله الله، وصل إلى كل خير وسعادة في الدنيا والآخرة، ولا بد أن تكون نهايته مجاورة ربه في الفردوس؛ لأن الوصل لا ينتهي إلا إلى هناك فينظر إلى وجه ربه الكريم. ومن قطعه الله فهو المبتوت المقطوع مع عدو الله الشيطان الطريد الرجيم، ولو أراد الخلق كلهم صلته ونفعه، لم يفده ذلك.
فأي تحذير وتهديد أعظم من هذا؟ وأي وعد وثواب أكبر من ثواب صلة الرحم؟ ولهذا قرأ أبو هريرة الآية مستشهداً بها، وفيها أن قطيعة الرحم مجلبة للعنة الله وغضبه وشديد عقابه.
والمقصود من الحديث: ما فيه من مخاطبة الله – تعالى – للرحم، بقوله:((مه)) وقوله: ((ألا ترضين)) إلى آخره، وهو خطاب كريم يجب أن يؤمن