للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عياض: ((جاء نحو هذا في آخر من يجوز على الصراط، فيحتمل أنهما اثنان، إما شخصان وإما جنسان، وعبر فيه بالواحد عن الجماعة؛ لاشتراكهم في الحكم الذي كان سبب ذلك، ويحتمل أن يكون الخروج هنا بمعنى الورود، وهو الجواز على الصراط، فيتحد المعنى، إما في شخص واحد أو أكثر.

قال الحافظ: ((قلت: وقع عند مسلم ما يقوي الاحتمال الثاني، وهو أن المراد بالخروج، معنى الورود، ولفظه: ((وآخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك)) (١) .

قلت: الظاهر أنه رجل واحد، لا جنس ولا نوع، فالأحاديث تدل على ذلك، مثل الخطاب الذي يجري بينه وبين رب العالمين، وكل سياق الحديث بألفاظه تدل على ذلك.

وقد ذكر القرطبي في ((التذكرة)) ما يؤيد هذا، حيث قال: ((قال ابن عمر، عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، يقال له: جهينة، تقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين)) ، ذكره الميانشي أبو حفص عمر بن عبد المجيد، في كتاب ((الاختيار في الملح من الأخبار والآثار)) .

ورواه الخطيب، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، فيقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين، سلوه: هل بقي من الخلائق أحد)) ورواه الدارقطني. انتهى (٢) .

وعند تأمل النصوص يتبين عدم الاتحاد، فيجوز أن يكون هذا المذكور في رواية مسلم آخر من يدخل الجنة ممن لا يلقى في النار، وإنما يبطئ به


(١) ((الفتح)) (١١/٤٤٣) .
(٢) ((التذكرة)) (٢/٥١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>