للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمله على الصراط فيحبو مرة، ويزحف أخرى، حتى يجاوز النار.

والمذكور في هذا الحديث المشروح هنا آخر من يدخل الجنة ممن يلقى في النار من أهل الإيمان، وبذلك تتفق النصوص، والله أعلم.

قوله: ((آخر أهل النار خروجاً من النار)) يعني: بأهل النار من الموحدين الذين يدخلون النار بذنوبهم، أما أهل النار الذين ماتوا على الكفر فهم لا يخرجون منها أبد الآباد، كما قال تعالى:: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} (١) ، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٢) } والآيات في ذلك كثيرة.

قوله: ((يخرج حبواً)) يعني: على ركبتيه ويديه، لا يستطيع الاعتماد على رجليه، والمشي عليهما يسمى حبواً، قال في ((اللسان)) : ((حبا حُبُوّاً: مشى على يديه وبطنه، وحبا الصبي حَبْواً: مشى على استه، وأشرف بصدره)) (٣) .

وقال النووي: ((قال أهل اللغة: الحبو: المشي على اليدين والرجلين، وربما قالوا: على اليدين والركبتين، وربما قالوا: على يديه ومقعدته.

وأما الزحف، فقال ابن دريد، وغيره: هو المشي على الاست مع إفراشه بصدره، فحصل من هذا: أن الحبو والزحف متماثلان، أو متقاربان، ولو ثبت اختلافهما حمل أنه في حال يزحف، وفي حال يحبو: والله أعلم)) (٤) .


(١) الآية ١٠٧ من سورة هود.
(٢) الآية ٦ من سورة البينة.
(٣) انظر ((اللسان)) (١/٥٦٠) المرتب.
(٤) ((شرح مسلم)) (٣/٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>