للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصعود إليه والعروج، كما عرج النبي – صلى الله عليه وسلم – إليه، وكذا الملائكة وبعض الأرواح وغير ذلك، وببعض هذه النصوص الكثيرة يحصل العلم الضروري، لمن آمن بها، وبما دلت عليه، من أن الله – تعالى – يقرب إلى عباده، ويقربون إليه، كما قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (١)

ودلالة النصوص الشرعية على هذا من أعظم المتواترات، والعلم بها مستقر في فطر المسلمين، عامتهم، وخاصتهم، كما أنه مستقر في فطرهم أن الله فوقهم.

وليس من الخلق أحد إلا ويعلم أن عباد الله منهم المقرب إلى الله – تعالى -، ومنهم المبعد الملعون المطرود، وكلهم يسمون الطاعات: قربات، يتقرب بها العبد إلى الله – تعالى -، وكلهم يرفعون أيديهم إلى الله، وكونه تعالى فوقهم يستلزم أنه يقرب إليه بالعلو والصعود، كما رفع عيسى ابن مريم إليه، والملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم إذا صعدوا إليه سألهم: كيف تركتم عبادي؟

والأدلة على هذا الأصل العظيم لا حصر لها، واتفق السلف الصالح، ومن تبع كتاب الله، وسنة نبيه، وآمن بهما، على القول بذلك، والإيمان به.

((قال الخلال في ((السُّنَّة)) : أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا أحمد بن محمد المصرمي، حدثنا سليمان بن حرب، قال: سأل بشر بن السري حماد بن زيد، فقال: يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء: ((ينزل الله إلى السماء الدنيا)) يتحول من مكان إلى مكان؟

فسكت حماد، ثم قال: ((هو في مكانه، يقرب من خلقه كيف شاء)) (٢) .


(١) الآية ١٨٦ من سورة البقرة.
(٢) ((بيان تلبيس الجهمية)) (٣/١٨٤) المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>