للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام: ((أهل السُّنَّة يثبتون أن الله على عرشه، وأن حملة العرش أقرب إليه ممن دونهم، وأن ملائكة السماء العليا أقرب إلى الله من ملائكة السماء الثانية، وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما عرج به إلى السماء صار يزداد قرباً إلى ربه بعروجه، وصعوده. وعروجه إلى الله – تعالى – لا إلى مجرد خلق من خلقه، وأن روح المصلي تقرب إلى الله في السجود، وإن كان بدنه متواضعاً، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص من الكتاب والسُّنَّة)) (١) .

فالله – تعالى – يقرب بنفسه إلى من يشاء من خلقه، وهو فوق عرشه، عال على خلقه، ولا يجوز تأويل النصوص في ذلك مثل قوله – صلى الله عليه وسلم -: ((يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه)) .

ولا يلزم أن يكون كل نص في القرب يراد به قرب الله – تعالى – بنفسه، بل ينظر في النص الوارد في ذلك، فإن دل على قربه بنفسه حمل عليه كما في هذا الحديث، وإن دل على قرب ملائكته ورسله حمل عليه، كقوله – تعالى - {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد} ِ (٢) ، وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ} (٣) .

وهذا الحديث ظاهر في أن العبد يدنو من ربه، بل هو نص صريح في ذلك، فصرفه عن ظاهره تحريف لكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلاعب به، يعد من عظائم الذنوب، يجب على المؤمن التحرز منه.

وما نقله الحافظ عن ابن التين أنه قال: ((يعني يقرب من رحمته، وهو


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٦/٧) .
(٢) الآية ١٦ من سورة ق.
(٣) الآية ٨٥ من سورة الواقعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>