للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود هنا قوله: ((أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه)) والاصطفاء هو: الاختيار والتفضيل، وفرق بين الرسالة والتكليم، فهو قدر زائد على الرسالة؛ أنها تحصل بإرسال ملك إليه أو بالوحي.

وأما التكليم فهو بإسماعه كلامه، وهذا الذي اختص به موسى من بين الرسل، فدل هذا على أن الله – تعالى – كلمه بدون واسطة، بل أسمعه كلامه منه إليه، وهو أمر واضح.

وجاء في رواية ذكرها الحافظ: ((قال: أنت كلمك الله من وراء حجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه)) (١) .

((قال ابن عبد البر: هذا الحديث أصل في إثبات القدر، وأن الله قضى أعمال العباد، فكل أحد يصبر لما قدر له بما سبق في علم الله – تعالى -، وليس فيه حجة للجبرية)) (٢) .

وقال الخطابي – رحمه الله تعالى -: ((قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه، معنى الإجبار، والقهر للعبد على ما قضاه وقدره، ويتوهم أن فلج آدم في الحجة على موسى إنما كان من هذا الوجه، وليس الأمر في ذلك على ما يتوهمونه.

وإنما معناه الإخبار عن تقدم علم الله – سبحانه – بما يكون من أفعال العباد وأكسابهم، وصدورها عن تقدير منه، وخلق لها، خيرها وشرها، والقدر: اسم لما صدر مقدراً عن فعل القادر، كما أن الهدم، والقبض، والنشر، أسماء لما صدر عن فعل الهادم، والقابض، والناشر.

يقال: قدّرْت الشيء، وقدرته، خفيفة وثقيلة، بمعنى واحد.


(١) ((الفتح)) (١١/٥٠٨) .
(٢) المرجع المذكور (ص٥٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>