قيل: اللوم ساقط من قبل موسى، إذ ليس لأحد أن يعيِّر أحداً بذنب كان منه؛ لأن الخلق كلهم تحت العبودية أكفاء سواء.
وقد روي:((لا تنظروا إلى ذنوب العباد كأنكم أرباب، وانظروا إليها كأنكم عبيد)) .
ولكن اللوم لازم لآدم من قبل الله – سبحانه – إذ كان قد أمره ونهاه فخرج إلى معصيته، وباشر المنهي عنه، ولله الحجة البالغة – سبحانه – لا شريك له.
وقول موسى، وإن كان في النفوس منه شبهة، وفي ظاهره متعلق لاحتجاجه بالسبب الذي جعل أمارة لخروجه من الجنة، فقول آدم في تعلقه بالسبب – الذي هو بمنزلة الأصل – أرجح وأقوم، والفلج فيه قد يقع مع المعارضة بالترجيح، كما يقع بالبرهان الذي لا معارض له. والله أعلم)) (١) .
فحجة آدم عليه السلام ظهرت؛ لأن ما قدر عليه أمر لا يمكن تغييره ولا رده، بل هو قدر قدره العليم القدير، فلا يمكن دفعه، ولا رفعه بعد وقوعه، فليس أمامه إلا التسليم، ومع ذلك لا يكون القدر حجة فيما لم يقع؛ لأن الإنسان مأمور بفعل الطاعة، واجتناب المعصية، وهو لا يعلم ما هو المقدر عليه حتى يقع، فإذا وقع الأمر وتعذر دفعه هناك يسلم للقدر، ويقول: قدر الله وما شاء فعل، ويستغفر من ذنبه ويتوب إلى ربه.
****
١٤٢- قال: ((حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، حدثنا قتادة، عن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((يجمع المؤمنون يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيريحنا