للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخرون، وهو الأظهر)) (١) .

قال الحافظ: ((وصرح الخطابي، وابن حزم والقاضي عياض، والنووي، بأن شريكاً انفرد بهذه اللفظة، وفي دعوى التفرد نظر، فقد وافقه كثير بن خنيس، عن أنس، أخرجه سعيد بن يحيى الأموي، في كتاب المغازي من طريقه)) (٢) .

ثم قال: ((قوله: ((فلم يرهم)) أي: بعد ذلك، ((حتى أتوه ليلة أخرى)) ، ولم يعين المدة التي بين المجيئين، فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحي إليه، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج)) (٣) ، أي: بعد النبوة والوحي.

ويجوز أنه يقصد بقوله: ((قبل أن يوحى إليه)) أي: في شأن الإسراء والمعراج، أي: أنهم فاجَؤُوه بدون سابق إعلام له بذلك.

قوله: ((وهو نائم في المسجد)) وفي آخره: ((واستيقظ وهو في المسجد)) وبهذا ونحوه تعلق من يقول: إن الإسراء والمعراج وقعا مناماً.

والحق أنهما وقعا يقظة لا مناماً، وأن ذلك ببدنه وروحه،، وهو قول جمهور أهل السنة، والدليل قول سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} والتسبيح إنما يكون عند الأمور العظيمة والآيات الباهرة، ولو كان مناماً لم يكن فيه كبير أمر؛ لأنه لا يستنكر.

ومما يدل على ذلك إنكار كفار قريش له، وتعظيمهم إياه، واستبعادهم وقوعه، حتى ارتد بسبب ذلك بعض من أسلم، ولو كان مناماً لم ينكره


(١) ((السيرة)) لابن كثير (٢/٩٨) .
(٢) ((الفتح)) (١٣/٤٨٠) .
(٣) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>