للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد، وأيضاً فالعبد اسم لمجموع الروح والبدن.

ودلالة الأحاديث على ذلك ظاهرة، فعلى هذا يكون قوله: ((وهو نائم في المسجد)) يعني ذلك المجيء الأول الذي لم يحصل فيه الإسراء، ثم المجيء الثاني كان يقظان.

ويحمل ما في آخر الحديث على الإفاقة مما كان فيه من شغل البال بمشاهدة الآيات العظيمة والملكوت، وقد ينشغل الإنسان بما يقع له من أمر مهم، فإذا انجلى عنه ذلك الأمر كأنه أفاق من نوم، كما جاء في قصة ذهابه إلى الطائف، وفيها: ((فلم أفق إلا وأنا بقرن الثعالب)) .

ويجوز أنه نام بعد رجوعه، وكان إذا أوحي إليه يستغرق قلبه في الوحي، فإذا انقطع الوحي سري عنه، فيجوز أن يكون هذا مثله.

قوله: ((فقال أولهم: أيهم هو؟)) يدل على أنه كان نائماً مع جماعة.

قال الحافظ: ((قد جاء أنه كان معه عمه حمزة, وجعفر بن أبي طالب)) (١) .

((فقال أحدهم: خذوا خيرهم، فكانت تلك الليلة)) كانت هنا تامة، والتقدير: وجدت تلك الليلة، ولم يحصل فيها شيء من الإسراء، وذهبوا ولم يرهم.

((حتى أتوه ليلة أخرى)) بعد زمن طويل، كما تقدم، وبهذا يرتفع الإشكال في قوله: ((قبل أن يوحى إليه)) وقوله: ((وهو نائم)) .

قال الحافظ: ((وبه يسقط تشنيع الخطابي، وابن حزم، وغيرهما، بأن شريكاً خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة)) (٢) .


(١) ((الفتح)) (١٣/٤٨٠) .
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>