للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنداء هو: رفع الصوت، والنجي هو القريب لمن يكلمه ويناجيه، وأكد ذلك بقوله: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} ، والمنادي لموسى هو ربه – تعالى – وهو المناجي له أيضاً، ونداؤه ومناجاته قائمة به – تعالى – ليست مخلوقة منفصلة عنه، ووقعت مناداته ومناجاته لرسوله موسى في وقت واحد معين.

وفي ((الصحيحين)) من حديث أبي موسى، أنهم كانوا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفر، فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير فقال: ((أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) .

وفيهما: ((يقول الله – تعالى -: من تقرب إلىَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرَّب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)) (١) .

((والذين يثبتون تقريبه العباد إلى ذاته، وهو القول المعروف للسلف والأئمة، وهو قول الأشعري، وغيره من الكلابية، فإنهم يثبتون قرب العباد إلى ذاته، وكذلك يثبتون استواءه على العرش، فصار مستوياً عليه.

وأما دنوه وتقربه من بعض عباده، فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله، واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف، وأئمة الإسلام المشهورين، وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر.

وأول من أنكر هذا في الإسلام الجهمية، ومن وافقهم)) (٢) .

وقد ثبت في ((الصحيحين)) من حديث ابن عمر قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم –


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٥/٤٦٣-٤٦٤) ملخصاً.
(٢) المصدر (ص٤٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>