للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعوه، ويتضرعوا إليه، ويفعلوا ما أمرهم به، ودعاؤهم بذكر أسمائه وصفاته، وثناؤهم عليه بها.

وكذلك القيام بإبلاغ رسالته، التي أرسل بها رسله.

قوله: ((لقوله تعالى: {فَاذكُرُونِي أَذكُركُم} قال الحسن: اذكروني فيما افترضت عليكم، أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي)) . وقال سعيد بن جبير: ((اذكروني بطاعتي، أذكركم بمغفرتي)) وفي رواية ((برحمتي)) (١) .

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ} أي: اذكر لقومك، وقص عليهم خبر نبي الله نوح - صلى الله عليه وسلم -، حين قال لقومه يبلغهم رسالة ربه إليهم، وذلك من ذكره لربه: إن كان عظم عليكم، وشق بكم قيامي فيكم أذكركم بنعم الله، وأخوفكم نقمه، وأدعوكم إلى طاعته وتوحيده بالعبادة والطاعة، إن كان ذلك عَظُمَ عليكم فتهيؤوا واستعدوا لما تريدون أن تصنعوه بي، فإني توكلت على الله لا على غيره، فسوف يكفيني ويحميني، أما أنتم فأجمعوا قوتكم، واستعينوا بمعبوداتكم من دون الله، واحذروا أن يكون أمركم عليكم وبالاً وعذاباً ونكالاً، وهمَّاً وضيقاً؛ لأنكم تحاربون الله ورسوله ومن كان حربا لله ورسوله، فهو مخذول، ومرذول ومقهور.

{ثُمَّ اقضُواْ إِلىَّ وَلاَ تُنظِروُنِ} أي: عجلوا إليَّ بما تريدون أن تصنعونه بي، ولا تؤخروني ساعة، فهو صلى الله عليه وسلم يتحداهم بذلك؛ لأنه واثق بالله تمام الثقة، فلم يستطيعوا أن ينالوه، وهذا من علامات نبوته، كيف رجل واحد، لا جنود معه ولا سلطة، يقف أمام هذه الأمة العظيمة يتحداهم بأن ينزلوا به كل ما يستطيعون من عذاب، ويستحثهم على ذلك، فلا يستطيعون أن يصلوا إليه بأذى مع عداوتهم الشديدة له؟


(١) ((تفسير ابن كثير)) (١/١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>