للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} (١) ، وأمثالها كثير جداً.

واتفق العقل مع الشرع على أن العبد يحمد ويذم على فعله.

قال شيخ الإسلام: ((قول القائل: هذا فعل هذا، وعمل هذا، لفظ فيه إجمال، فإنه تارة يراد بالعمل نفس الفعل، وتارة يراد مسمى المصدر، فيقول: فعلت هذا، أفعله فعلاً، وعملت هذا أعمله عملاً، فإذا أريد بالعمل نفس الفعل الذي هو مسمى المصدر، كصلاة الإنسان، وصيامه، ونحو ذلك، فالعمل هنا هو المعمول، وقد اتحد هنا مسمى المصدر والفعل.

وإذا أريد بذلك ما يحصل بعمله كنساجة الثوب، وبناء الدار، ونحو ذلك، فالعمل هنا غير المعمول، قال الله – تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ} (٢) ، فجعل هذه المصنوعات معمولة للجن.

ومن هذا الباب: قوله تعالى: {وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعملُونَ} ، فإنه في أصح القولين ((ما)) بمعنى الذي، والمراد به ما تنحتونه من الأصنام، كما قال تعالى: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ {٩٥} وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٣) أي: والله خلقكم، وخلق الأصنام التي تنحتونها. ومنه حديث حذيفة، عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله خالق كل صانع وصنعته)) (٤) .

لكن قد يستدل بالآية على أن الله خالق أفعال العباد من وجه آخر، فيقال: إذا كان خالقاً لما يعملون من المنحوتات، لزم أن يكون هو الخالق؛ لتأليف


(١) الآية ٢٧٧ من سورة البقرة.
(٢) الآية ١٣ من سورة سبأ.
(٣) الآيتان ٩٥، ٩٦ من سورة الصافات.
(٤) رواه البخاري في ((خلق أفعال العباد)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>