للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن محلها، لا يعود إلى نفس تأثير القدرة فيه.

والصواب أنه لا فرق بين كون العبد فاعلاً الفعل، أو كاسباً له، فإن الكسب مرادف للفعل والعمل، فيقال: فعل وعمل، وكسب وأوجد، وأحدث وصنع، كلها بمعنى واحد.

وعمل العبد، وصنعه، وإحداثه، وكسبه، مقدور له بقدرته الحادثة، وهو قائم في محل القدرة.

والاقتران الذي ذكروه، لا يكون كسباً، ولا فعلاً، وإنما هو تخيل لا حقيقة له.

وأصل خطئهم من عدم التفريق بين الخلق والمخلوق، والفعل والمفعول، وزعمهم أن الله – تعالى – ليس له أفعال تقوم به، وأن فعله للشيء هو عين المفعول.

ومن المستقر في الفطر والعقول: أن فاعل الإيمان هو العبد المؤمن، وفاعل الكفر هو العبد الكافر، وفاعل الصدق هو الصادق، وفاعل الكذب هو الكاذب، وفاعل الظلم هو الظالم، كما أن فاعل الأكل هو الآكل، وفاعل الشرب هو الشارب.

وهكذا كل فعل لا بد أن يقوم بالفاعل، كما أن العالم: مَنْ قام به العلم، والحي: مَنْ قامت به الحياة، وكل صفة تقوم بالمتصف بها.

والقرآن مملوء بما يدل على هذا كقوله – تعالى -: {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١) وقوله: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} (٢) ، وقوله: {إِنَّ


(١) الآية ١٧ من سورة السجدة.
(٢) الآية ١٠٥ من سورة التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>