للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به وفعلها، ولا يتصف بها من خلقها، وجعلها صفة لغيره.

فكما أن الله – تعالى – لا يكون متصفاً بما خلقه في خلقه من الألوان والروائح، والطعوم، فكذلك لا يكون متصفاً بالفعل الذي خلقه في عباده، وجعله وصفاً لهم.

وبهذا تزول شبهة المعتزلة ومن وافقهم، في نفيهم الأفعال القبيحة أن تدخل تحت مشيئة الله وخلقه محتجين بأنه تعالى منزه عن القبيح. والله أعلم.

قوله: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أول الآية: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (١) .

ينكر تعالى على المشركين الكافرين به، الذين يعبدون معه غيره، من الأوثان التي لا تملك لهم، ولا لنفسها نفعاً، ولا ضراً، ومع ذلك يجعلونها نظراء وشبهاء لله رب العالمين، في التوجه إليها بالعبادة، يطلبون منها أن تتوسط لهم عند الله وتشفع لهم، وهي ملك لله يتصرف فيها كيف يشاء.

والمقصود من الآية: أن من سوى المخلوق بالله في صفة من الصفات، أو فعل من الأفعال، أو في ما يجب له من الحق، فقد جعل لله نداً، وأشرك بالله غيره.

فقول الله، وكلامه، لا يشبه قول عباده وكلامهم، فمن زعم أن قول العباد يشبه قول الله، فقد جعل لله نداً، وكذلك سائر أوصافه.

قوله: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} .


(١) الآية ٩ من سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>