للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو جعفر ابن جرير – رحمه الله -: (يقول – تعالى ذكره -: ما يحدث الله من تنزيل شيء من هذا القرآن للناس، ويذكرهم به، ويعظهم، إلا استمعوه، وهم يلعبون)) (١) .

وقوله: ((لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً)) لما ذكر الله – جل وعلا – حكمه في المطلقة، وأمره بأن تطلق لعدتها، وأمر بإحصائها، ونهى عن إخراجها من بيت زوجها، ما دامت في العدة، وأنها لا تخرج منه إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، وأخبر – تعالى – أن هذا من حدوده التي حدها،، ونهى عن تعديها، وأن من تعداها فقد ظلم نفسه، بعد ذلك قال تعالى: {لاَ تَدري لَعَلَ اللهَ يُحدِث بَعدَ ذَلِكَ أَمراً} .

يعني: يحدث للزوجين حالاً غير ما كانا عليه وقت الطلاق، بأن تتبدل الكراهية رغبة، والبغض حباً، وأن يراجع الرجل نفسه فيندم على ما حصل منه، والزوجة كذلك.

قال ابن جرير: {لاَ تَدري لَعَلَ اللهَ يُحدِث بَعدَ ذَلِكَ أَمراً} : يقول – جل ثناؤه -: لا تدري ما الذي يحدث، لعل الله يحدث بعد طلاقكم إياهن رجعة)) (٢) .

والمقصود الذي أراده المؤلف – رحمه الله – من هاتين الآيتين: أن الله – تعالى – يتكلم بعد أن لم يكن تكلم بذلك الكلام بعينه، ويأمر، وينهى بعد أن لم يكن أمر بذلك المأمور وذلك المنهي عنه بعينه، لمن وجه إليه الأمر والنهي، وهذا هو معنى الحدث الذي أراد بيانه، وهو: الفعل المتجدد الذي يتعلق بمشيئته تعالى، سواء كان كلاماً، أو أمراً، أو نهياً، أو إحياء لميت، أو إماتة لحي، أو هداية ضال، أو ضلال غاو، أو تغيراً لحكم شرعه قبل


(١) (١٧/٢) .
(٢) ((تفسير الطبري)) (١٢/٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>