للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقدمة الثالثة في كون القرآن خالياً عن الغريب

قد أفصحَ القرآن بكونِه (١) عربيّاً مبيناً، وقد وجدناه كذلك. فإنّ مَن مارس لغةَ العرب، ونظَرَ في أشعارهم وخُطَبهم ومحاوراتهم وَجَدَ القرآنَ أسهلَها كلِماً، وأقومَها نظماً، وأَبينَها مقالةً، وأوضحها دلالةً، وأجمعَها سَلاسةً وجَزالةً، قد أخلَص عن الوحشيّ الغريب، كما أخلَصَ عن التعقيد في التركيب. ثم يَشهد بذلك صريحُ المعقول. فإنّ الغرضَ منه التبليغ والصَّدعُ بالحق والترغيب والترهيب. وهذا يقتضي كلاماً واضحاً.

ولكن ربما يظنّون خلاف ذلك:

١ - لما رأوا العلماء صنّفوا (٢) في غريب الحديث والقرآن.

٢ - وذكروا اختلافاً كثيراً في تأويل بعض الألفاظ (٣).


(١) في المطبوعة: "عن كونه" وهو الذي نصّت عليه المعاجم. ولكن كثر في كلامهم تعديته بالباء -كما في الأصل- وخاصة إذا كان بمعنى "صرّح". من ذلك قول الكتّاب لأبي العتاهية (ت ٢١١ هـ) لما أمر المهدي بأن تملأ بَرِنيَّتُه مالاً فطلب دنانير: "ما ندفع ذلك ولكن إن شئت أعطيناك دراهم إلى أن يفصح بما أراد" (الكامل: ٨٧٠) ومنه قول الجاحظ (ت ٢٥٥ هـ) في مقدمة الجزء السابع من الحيوان (ص ٥): "وعلى الإفصاح بالحجة على الحجة"، وقوله في البيان: ٣٨ (ولا مفصح بحاجته) وقول ابن قتيبة (ت ٢٧٦ هـ) في مقدمة عيون الأخبار (ل: ١٦): "وإذا مرّ بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة ... ".
(٢) زاد في المطبوعة: "قد"، قبل: "صنفوا"، ولا حاجة إليها.
(٣) نحو اختلافهم في تأويل "النازعات غرقا" و "الشفع" و "الوتر".

<<  <   >  >>