للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(١٧) درس]

هذا اللفظ يوجد كثيراً في كلام العرب في معنى البلى. وأما في معنى القراءة كما يفهمون من استعمال القرآن، حيث جاء:

{أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ} (١)

فلا يوجد له مثال.

وزعم بعض من غير المسلمين أن هذا اللفظ أخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود، وزاده في لغتهم (٢). وهذا بعيد. فإن النبي كيف يتكلم قوماً بلغتهم ثم يزيد فيه ما ليس منه؟ والقرآن يصرح بأنه عربي مبين، فلا يكون فيه إلاّ ما عرفته العرب.

فاعلم أن "الدرس" في معنى البلى مجاز، وأصله: الحكّ والمشق، ومنه: للخَطّ (٣). قال أبو دواد:

وَنُؤيٌ أَضَرَّ بِهِ السَّافِيَاءُ ... كَدَرْسٍ مِنَ النُّونِ حِينَ امَّحَى (٤)


(١) سورة القلم، الآية: ٣٧.
(٢) يعني لغة العرب.
(٣) لم تثبت المعاجم هذا المعنى لكلمة (الدرس). وانظر قول المرّار الآتي.
(٤) أنشده في اللسان (سفا) وانظر شعره: ٣٥٠ رقم ٦٨، وفيه ضبط "نؤيٍ" بالكسر. النؤي: الحفرة حول الخباء لدفع السيل. السافياء: قال الفراهي: السافياء واحد السواف للتراب قال مالك بن الريب التميمي:
بأنكمَا خَلَّفْتمَانِي بقَفْرَةٍ ... تُهِيلُ عَلَيَّ الرِّيحَ فِيْها السَّوَافيا
انظر تعليقه على لسان العرب في نسخته ١٩:١١٢ (سفا). ومنه أخذ عُروةُ بن أُذَينة (شعره: ١٠٢):
فَلَمْ يَبْقَ إلاَّ النُّسؤيُ كَالنُّسونِ نَاحِلاً ... نُحولَ الْهِلاَلِ وَالصَّفِيحُ الْمُشَيَّدُ
وقد شبّه المرار بن منقذ الرسوم بخط اللام في مفضليته (٨٩):
وترى منها رسوماً قد عفت ... مثل خط اللام في وحي الزُّبُرْ

<<  <   >  >>