ثم كلام المؤلف على مشتقات مادة (عصر) يبين أن العصر بمعنى الزمن و (عصر المائع) و (العنصر) كل ذلك من أصل واحد، بينما جعله ابن فارس أصولاً ثلاثة: الأول دهر وحين، والثاني ضغط شيء حتى يتحلب، والثالث تعلق شيء وامتساك به، وجعل العنصر من الأصل الثالث.
[المثال الثالث: كلمة الدرس]
جاءت مادة (درس) في القرآن الكريم ست مرات وكلها بمعنى القراءة، أما في اللغة فمن معانيها غير القراءة: البلى، والجرب، والدياس، والأكل الشديد. وقد زعم بعض المستشرقين أن الدرس بمعنى القراءة أخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود، فرد عليه الفراهي في كتاب المفردات بأن "النبي كيف يتكلم قوماً بلسانهم ثم يزيد فيه ما ليس منه، والقرآن يصرح بأنه عربي مبين، فلا يكون فيه إلا ما عرفته العرب".
ثم بيّن أصل المادة ومشتقاتها في العربية فقال:"أصله الحك والمشق، ومنه للخط، قال أبو دواد:
ونؤي أضرَّ به السافياءُ ... كدرسٍ من النون حين امحى
أي كخط النون. ومنه كثرة الاشتغال بالقراءة. وهذا يتضح من استعمال الكلمة في كلتا اللغتين: العربي والعبرانية. ومن أصل المعنى: الدرس للجرب والحكة. والمدروس: الفراش الموطأ، والدرس للأكل الشديد. ومنه درس الطعام: داسه ... ودرس الصعب حتى راضه. ودرست الكتاب بكثرة القراءة حتى خف حفظه. فالدرس: كثرة القراءة ... كما قال تعالى:{وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} أي بالغت في قراءتك عليهم. وأما أنها لا توجد في هذا المعنى في أشعار العرب، فلذلك لأن للشعر مجاري محدودة ومعاني خاصة، فقلما يذكرون القراءة فضلاً عن إكثارها".
وقد ذهب الراغب إلى أن الأصل في مادة درس قولهم (درس الدار)