للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم نسوه، فعبدوا الملائكة، وعظموا النجوم (١)، كما أن أولاد إسماعيل عليه السلام كانوا على ملّة إبراهيم، ثم وقعوا في الشرك. وهذه الآية تدل على ذلك، كما هو ظاهر. وكانوا مولعين بالصلاة، ولذلك كان المشركون يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه: "هؤلاء الصابئون"، يشبهونهم بهم (٢).

وأما وجه التسمية فلعله من صبأ على القوم: طلع عليهم، وصبأ ناب البعير: طلع حلّه، وأصبأ النجم أي طلع الثريّا. وكان الصابئون أصحابَ الرصد والنظر في النجوم، فسُمُّوا بذلك (٣)، والله أعلم.

(١٠٢) الصوم (٤)

(١) للصوم أثران: جسماني وروحاني. فأمّا الجسياني فكانت العرب تعرفه كلَّ المعرفة، فلذلك نبّههم الله على طرفه الروحاني من التقوى والشغل


(١) مع أنّ كتبهم تنهى عن ذلك، فجاء في فاتحة "كتاب آدم": "لا تسبحوا للكواكب والأبراج ولا تسجدوا للشمس والقمر المنوّرين لهذا العالم فإنه هو الذي وهبها النور" (ص ٢٢) وجاء في صفات الله سبحانه: "لا يُرى ولا يُحدّ، لا كفء له بعظمته ولا شريك بسلطانه" (ص ١١).
(٢) ويقوّي هذا الرأي ما ذكرنا من شعائرهم، والقول المشهور أن العرب كانت تسمي النبي - صلى الله عليه وسلم - الصابي لخروجه من دين قريش إلى الإسلام (انظر اللسان- صبأ).
(٣) ويبدو لي -والله أعلم- أن مادة "صبأ" المهموز في العربية بمعنى: صار صابئاً مأخوذ من اسمهم، واسمهم من مادة "صبا" المعتل اللام في اللهجة المندائية الآرامية التي هي لغة الصابئين، ويعني صَبَغَ، وغمس في الماء للتطهر والدخول في دين الصابئة، وتعمّد. ويقول الصابئي عندما يتطهر بالماء: "صبيت بمصبوتا بهرام ربا" أي اصطبغت بصبغة إبراهيم الرباني. وبهذا المعنى أي الصبغة في اللغة الأكدية "صبو، صبتوم" ولعل المادتين أصلهما واحد. وانظر مفاهيم ٥٢ - ٥٤، ٢٥٥.
(٤) كتاب الرائع في أصول الشرائع: ق ١٤.

<<  <   >  >>