للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانت العرب تعلم فائدة الصوم للفرس، وتستعمل هذا اللفظ، فسمى الله الصوم بهذا الاسم. وكانت العرب من قبل تسمي الصوم صوماً، فإنهم رأوا اليهود والنصارى، فلم يُلْبِسْ عليهم حكمةُ الصوم من الجهة الجسمانية (١)، وأما أنه أمر ديني فنبّه الله على أنه ليس تعذيب النفس، كما ظنت اليهود والنصارى، بل هو طهارة، وأنه لا يريد بكم العسر.

(٢) ثم لما فرض الله لهم الصوم عندما كتب لهم الحرب تبيّنوا حكمةَ الصوم من حيث الرياضة لاحتمال الشدائد، والمناسبةَ بين الصوم والقتال لما كان بهم العلم بهذه الضرورة. ولكنّا لعدم العلم بهذه الأمور لا نعرف مناسبة بين الصوم والجهاد (٢). فهذا ينبهك على أن الصحابة لم يخفَ عليهم نظم القرآن ومناسبة آياته.

(١٠٣) ضُرِبَتْ عَليهم الذِّلَّةُ (٣)

أي ألصقت بهم، من ضرب الطين اللازب على الجدار (٤). قال نابغة ذُبيان:


= ٣ - وقال لبيد بن ربيعة في معلقته يصف العير والأتان:
حتّى إذا سَلَخَا جُمادَى سِتَّةٍ ... جَزَءَا فطالَ صيامُه وصيامُها
رَجَعا بأمرِهما إلى ذِي مِرَّةٍ ... حَصِدٍ ونُجحُ صريمةٍ إبرامُها
جزءا: اكتفيا بالرطب عن الماء. المِرة: القوة، حصِد: محكم. أي عزما على ورود الماء. انظر الديوان: ٣٠٥، وشرح الأنباري: ٥٤٤، والتبريزي: ٢٢٠.
٤ - وقال مُزرِّد أخو الشماخ من مفضلية ٩٥ يصف جواده:
تقول إذا أبصرتَه وهو صائم ... خِباءٌ على نَشْزٍ أو السِّيدُ مَاثِلُ
نشز: مكان مرتفع. السيد: الذئب.
(١) في الأصل: جهة جسماني، سبق قلم.
(٢) حيث جاءت آيات الصوم (١٨٣ - ١٨٧) قبل آيات الحج والجهاد (١٨٩ - ٢٠٣) في سورة البقرة.
(٣) تفسير سورة البقرة: ق ١٢٠، الآية ٦١ {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} وانظر سورة آل عمران، الآية: ١١٢.
(٤) قال الزمخشري في الكشاف ١: ١٤٥: "جعلت الذلة محيطة بهم مشتملة عليهم فهم فيها =

<<  <   >  >>