للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(١٨) الرحمن]

اسم مخصوص بالرب تعالى. والعرب عرفته، ولم يُسَمَّ له غيرُ الله إلا "رحمن اليمامة" (١) ولكن بغير حرف التعريف. فكلمة "الرحمن" لم يعرفوا بها إلا الله تعالى. فهو قريب من اسم الذات (٢).

وزعم أكثر الناس خلاف ذلك، فظنّوا أن العرب لم تعرف هذا الاسم لله تعالى (٣). ومتمسكهم قوله تعالى:


(١) هو مُسَيلمِة بن ثمامة الحنفي الوائلي، ولد ونشأ باليمامة، ادعى النبوة وقتل سنة ١٢ هـ وهو ابن مائة وخمسين سنة. انظر ترجمته في المعارف: ٤٠٥، والأعلام في ٧: ٢٢٦.
(٢) قال المقدسي في البدء والتاريخ ١:٦١ وهو يحتج على إثبات الباري عز وجل بأنه لا يخلو لسان أمة من الأمم إلا وهم يسمونه بخواص من أسمائه عندهم، ومستحيل وجود اسم لا مسمى له:
"فمن ذلك قول العرب له "الله" مفرداً من غير أن يشاركوه في هذا الاسم بأحد من معبوداتهم لأنه خاص له عندهم. وكانوا يطلقون على غيره على التنكير. وأما "الرب" بالتعريف و"الرحمن" فلم يكونوا يجيزونه إلا لله تعالى. وإنما تسمى مسيلمة الكذاب بالرحمن مضادة لله جل وعزّ، ومعاندة لرسوله عليه السلام. ذلك مشهور مستفيض في قوافي أوائلهم قبل قيام الإسلام. فمن ذلك قول بعضهم في الجاهلية:
ألاَ ضرَبَتْ تلِكَ الْفَتاةُ هَجِينَها ... ألاَ قَطَعَ الرَّحْمنُ مِنها يَمِينَها
فأضاف فعل القطع إلى الرحمن لأنه أراد به الدعاء، وعلم أنه لا يجيب الدعاء إلا الله".
(٣) انظر تفسير سورة الفرقان في معاني الفراء ٢: ٢٧٠، والكشاف ٣: ٩٨، والعجب منه - وهو اللغوي الأديب- أنه قال: {وَمَا الرحَمَنُ} يجوز أن يكون سؤالاً عن المجهول بما ويجوز أن يكون سؤالاً عن معناه، لأنه لم يكن مستعملاً في كلامهم كما استعمل الرحيم والرحوم والراحم"! والحق أن استعمال "الرحمن" في كلام العرب أكثر من استعمال "الرحوم". ونقل النسفي كلام الزمخشري بحروفه وزاد في أوله (٣: ٣٨٥): "أي لا نعرف الرحمن فنسجد له، فهذا سؤال عن المسمى به لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم"! وقال الرازي في مفاتيح الغيب (٢٤: ١٠٥): "يحتمل أنهم جهلوا الله تعالى، ويحتمل أنهم وإن عرفوه لكنهم جحدوه، ويحتمل أنهم وإن اعترفوا به، لكنهم جهلوا أن هذا الاسم =

<<  <   >  >>