للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} (١).

والتأويل عندي غير ما فهموه، كما سنذكره بعد إثبات أن العرب عرفت هذا الاسم للرب تعالى (٢).

[١] قال حاتم الطائي (٣):

يَقُولُونَ لِي أهْلَكْتَ مَالَك فَاقْتَصِدْ ... وَمَا كُنتُ لَولاَ مَا تقولونَ سَيِّدَا

كُلُوا الآنَ مِنْ رِزْقِ الإلهِ وأيْسِرُوا ... فإنَّ عَلَى الرَّحْمنِ رِزْقكُمُ غَدَا (٤)


= من أسماء الله تعالى. وكثير من المفسرين على هذا القول الأخير، قالوا: الرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدمة والعرب ما عرفوه"! وهذا القول الأخير قول الزجاج انظر معاني القرآن له ٤: ٧٣ و (اللسان رحم) وانظر ابن كثير ٦: ١٢٩.
(١) سورة الفرقان، الآية: ٦٠.
(٢) لم يذكر تأويله هنا. وردَّ الطبري على القائلين بأن العرب لم يعرفوا "الرحمن" ردّاً مفحماً فقال (١: ١٣١ - شاكر):
"وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن"، ولم يكن ذلك في لغتها، ولذلك قال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} إنكاراً منهم لهذا الاسم، كأنه كان محالاً عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته، أو لا، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ} يعني محمداً {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} سورة البقرة: ١٤٦ - وهم مع ذلك به مكذبون ولنبوته جاحدون، فيعلم بذلك أنهم كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته واستحكمت لديهم معرفته. وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء ... " ثم أنشد الطبري بيتين، ثانيهما لسلامة بن جندل السعدي. وعلق على قول الطبري العلامة محمود محمد شاكر فقال: "لا يزال أهل الغباء في عصرنا يكتبونه، ويتبجَّحون بذكره في محاضراتهم وكتبهم نقلاً عن الذين يتتبعون ما سقط من الأقوال، وهم الأعاجم الذين يؤلفون فيما لا يحسنون باسم الاستشراق، ورد الطبري مفحم لمن كان له عن الجهل والخطأ ردة تنهاه عن المكابرة" وانظر القرطبي ١: ٩٠.
(٣) هو حاتم بن عبد الله الطائي. يضرب به المثل في الجود والكرم، ابنه عدي بن حاتم صحابي جليل مشهور. وكان حاتم شاعراً جيد الشعر.
ابن قتيبة: ٢٤١ - ٢٤٩، الأغاني ١٧: ٢٧٨ - ٣٠٤، الكامل لابن الأثير ١: ٦٠٦ - ٦٠٨، الخزانة ٣: ١٢٧ - ١٣٠.
(٤) البيتان من قصيدة في ديوانه: ٢٣١. وفيه: "اليومَ" مكان "الآن".

<<  <   >  >>