(١) ذكر المؤلف في تفسير سورة العصر معنيين للحق: معنى عاماً ومعنى خاصّاً. أما المعنى العام فقال فيه: "إن الحق في الأصل هو الموجود المستقر، فله وجوه أو درجات: فهو الواقع في الكون، والثابت في العقل، والواجب في الأخلاق إما لك وإما عليك. واستعمله القرآن بهذه المعاني كلها. كما قال تعالى [ص: ٦٤]: {إن ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النار}. وكما قال تعالى [يونس: ٣٠]: {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}. أي إنه لَهُوَ المولى بالحقيقة أبدا. وكما قال تعالى [الذاريات: ١٩]: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. أي كالدَّين الواجب عليهم". وأما المعنى الخاص فهو "المواساة بمن هو أهلها، كأنَّ المرحمةَ كانت ذمة وحقاً واجباً عليهم- قال ربيعة بن مقروم: يُهِينُونَ فِي الحَقِّ أَمْوَالَهم ... إذَا اللَّزَبَاتُ الْتَحَيْنَ الْمُسِيمَا أي ينحرون في القحط ويطعمون الجِياعَ [المفضليات: ١٨٣] وقال سويد بن أبي كاهل اليشكري [من قصيدة في المفضليات: ١٩٤]: مِن أناسٍ لَيْسَ مِن أخلاقِهم ... عَاجلُ الْفُحْشِ ولا سُوءُ الجَزَعْ عُرُفٌ لِلحَقِّ مَا نَعْيا به ... عند مُرِّ الأمرِ مَا فِينَا خَرَعْ =