للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ولعل منشأ هذا التناقض أنّ الأقوال المذكورة لم تصدر عن مخالطة للصابئة واطلاع على ديانتهم ولا نظر في كتبهم التي هي في اللغة الآرامية، ثم كثرةُ فرقهم، واختلافُ مذاهبهم، وإخفاؤهم لتعاليمهم. وفي العصر الحاضر أجريت دراسات كثيرة في هذه الديانة حتى إنه قد ظهر في أوروبا بين عامي ١٩٣٠ و١٩٦٠ مائة واثنان وأربعون كتاباً. ثم ترجمت عدة من الكتب المندائية إلى اللغات الأوروبية. وأهمها ما يسمّى بالكتاب الكبير أو كتاب آدم (سيدرا آدم أو كنزا ربا) وتعاليم يحيى بن زكريا (دراشا أديهيا). ونلخص هنا عقيدتهم مما كتبته مؤلفة صابئة في كتابها (مفاهيم صابئية مندائية) في ضوء كتبهم والدراسات الحديثة:
١ - فهم يعتقدون بوحدانية الله الحي الخالق الأزلي الأبدي. ويتنزهون عن عبادة الأوثان والأصنام وعن السجود للشمس والقمر والكواكب وأمثالها.
٢ - وبأن نفس الإنسان خالدة لأنها نفحة من نفحات الخالق، وهي عائدة إليه ومتحدة به في حياة باقية خالدة. ويشير رودولف في كتابه المندائية إلى أنهم يعتقدون بيوم الدينونة حيث تكون الجنة من نصيب الصالحين وتكون النار من نصيب الأشرار.
٣ - وأنه بإمكان هذه النفحة السماوية أي نفس الإنسان أن تتحرر من مادية الجسد عن طريق المعرفة أو الكلام الرباني الذي يأتيها وحياً أو إلهاماً أو فيضاً سماوياً.
٤ - وبأن أولئك المختارين الذين يؤتون العلم يكونون معلمين وهادين وأنبياء وأن آدم هو أول من أتاه العلم والكتاب، ودينه أول دين عرفته البشرية ودان به الصابئة المندائيون، وتلاه الأنبياء الآخرون. منهم شيث بن آدم "الغرس الطيب الذي يمثل الكمال الإنساني" ومنهم نوح وابنه سام، وإبراهيم. أما رسالة يحيى بن زكريا فهي عندهم "أعظم رسالة جاءت بعد آدم وأولاده". وأن التعاليم التي ما زالت لديهم إنما هي بعض الذي جاء به هؤلاء المصطفون القدامى من اّدم وشيث ويحيى! (ص ٩٠ - ١٠٦).
وأهم شعائرهم التعميد والصلاة التي تشمل الوضوء أو الرسم بالماء والتبريكات. والصابئي يتوضأ ثلاث مرات يومياً ويجوز اختصارها إلى مرتين بكرة وعشيا ويتلو أثناء الوضوء أدعية، ثم يقف المصلي متجهاً إلى الشمال لأنها باعتقادهم مقترنة بالأعالي أو السموات العلية حيث المكان المقدس الذي تزجى إليه نفوس الصالحين، وينحني كلّما ذكر كلمة السجود، والصلاة تعني ذكر الله مع التسبيح والتبريك والحمد والدعاء والاستغفار. ومن شعائرهم الصدقة والصوم الذي يعني الامتناع من أكل اللحوم فقط في أيام معينة من السنة يبلغ مجموعها ثلاثة وثلاثين يوماً. ولهم طرق خاصة في الزواج والذبح والجنائز (ص ١٠٧ - ١٤٤).

<<  <   >  >>