للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"البَرَا: التراب. قال الراجز:

بفيكِ من سارٍ إلى القوم البرا (١)

والبريَّة: الخلق، وأصله الهمز، والجمع: البَرَايا والبَرِيّات. قال الفرّاء: إن أخذت البريّة من البرا -وهو التراب- فأصلها غير الهمز (٢)، تقول منه: براه الله يبروه بَرواً، أي خلقه" (٣).

وهذا قول مضطرب، فإن البَرء حينئذٍ يكون فعلاً من التراب، وجعله بمعنى الخلق تكلف ظاهر مبني على أن الخلق إنما يكون من التراب. وهذا كما ترى. ثم الفعل من التراب يكون بمعنى: جعله تراباً، لا خلقه من التراب. ثم لا دليل في قول الراجز على أن البرا هو التراب (٤).

والأولى بالصواب أن المادة الواحدة اتخذت صورتين: بَرَأَ مهموزاً وبَرَى ناقصاً يائياً، فإنا نجد معناهما في غاية التشابه. تقول: بَرَيت القلم، وبَرَيت السهم بَرْياً لِنَحتِهما. والمِبْرَاة: الحديدة التي يُبرى بها السهام. فهذا هو أشبه بمعنى الخلق.


(١) نسب في المستقصى ٢: ١٢ واللسان (برى) إلى مُدرِك بن حِصن الأسدي، مع شطرين قبله، وهما على رواية الأول:
ماذا ابتغت حُبَّى إلى حلِّ العُرَى
أحَسِبَتْني جئتُ من وادي القُرَى
والشطر وحده في إصلاح المنطق: ١٥٩ والأمالي: ٢: ٥٨ وانظر ذيل اللآلي: ٢٩ والميداني ١: ١٦٦.
(٢) انظر معاني القرآن ٣: ٢٨٢.
(٣) الصحاح (برا).
(٤) لم يظهر لي معنى آخر لكلمة "البرا" في قول الراجز. وقد فسرت في مصادر تخريجه بالتراب، وقال الزمخشري: يضرب في الدعاء على المخبر بالسوء. وقال الفراء في المعاني ٣: ٢٨٢: "سمعت العرب تقول: بفيه البرا، وحمى خَيبرى، وشرّ ما يرى، فإنه خَيسرَى". وانظر اللسان (برى).

<<  <   >  >>