للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه. وكثيراً ما ينبّه القرآن على ذلك. وهكذا (١) هاهنا قدّم أعمالهم الناشئة من مرض قلوبهم.

ولما كان نفاقهم نتيجة الحقد والارتياب عبّر القرآن عنه بالمرض. وقد مرَّ أن العرب كانت تسمي الضغن مرضاً (٢) والانتقام شفاء (٣). وأما


(١) يعني في أول سورة البقرة.
(٢) ومنه قول ثابت قطنة الأزدي في حماسة البحتري ٨٠:
وما أخي بالذي يرضى بمنقصتي ... ولا الذي يظهر البغضاءَ والمرَضا
علق الفراهي في حاشية نسخته: "المرض أي البغض والشنآن".
وقال مسلم بن معبَد الأسدي من أبيات في الخزانة ٢: ٣١٠:
جوِينَ مِنَ العَداوةِ قد وَرَاهم ... نَشِيشُ الغيظ والمرضُ الضَّناءُ
وقال الشماخ من قصيدة في ديوانه ٢١٥:
أجاملُ أقواماً حياءً وقد أرى ... صدورَهمُ تغلي عليّ مِراضُها
(٣) وهو كثير جداً، ومنه قول قيس بن الخَطيم من قصيدة في ديوانه ٤٤:
ضربتُ بذِي الخِرصَين رِبقةَ مالكٍ ... فأُبْتُ بنفسٍ قد أصبتُ شِفاءَها
ذو الخرصين: سيفه.
وقال الأخنس بن شهاب التغلبي من أبيات في حماسة البحتري ١٩:
ولما رأيتُ الثأرَ قد حِيلَ دونَه ... مشيتُ لَهم قَطْواً وكنتُ لهم حِلسا
ولاحظتُ ثأري فيهم لأنالَه ... متى ما أنَلْه أشفِ من عامرٍ نفسَا
مشَى قَطْواً: قارب في مشيه. حِلْساً: مُلازِماً.
وقال يزيد بن المخرِّم من بني الحارث بن كعب -جاهلي- من قصيدة في قصائد نادرة ٥٠:
وإنَّ القَود بعد القَود يشفي ... ذوي الأضغان من لَهَب الأُحَاحِ
الأحاح: شدة الغيظ والحقد.
قال حاجز بن عوف الأزدي -جاهلي- من أبيات في قصائد جاهلية ٨٢:
ولقد شفاني أن رأيتُ نساءَكم ... يَبكِينَ مُرْدِفَةً عَلَى الأكفالِ
وقال عوف بن الأحوص أو خداش بن زهير من قصيدة في المفضليات: ٣٦٥ والأصمعيات ٢١٧:
وكانت قريشٌ لو ظهرنا عليهم ... شِفاءً لِما في الصدر والبغضُ ظاهرُ

<<  <   >  >>