فى بعض المكتبات وقفت على كتاب " المنار المنيف " لابن القيم - رحمه الله - بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقى - رحمه الله - فوجدتُ الحديث فيه، وقد حكمَ الإمامُ عليهِ بالوضع فيما أذكرُ، فعزمت على إبلاغ الشيخ بذلك نصيحة لله تعالى، وقد كان رسخ عندى أن التحذير من هذه الأحاديث واجبٌ أكيدٌ.
وكان للشيخ جلساتٌ فى مسجده بين المغرب والعشاء، فذهبتُ فى وقتٍ مبكرٍ لألحق بالصف الأول حتي أتمكن من لقائه فى أوائل الناس، فلما صلينا جلس الشيخُ على كرسيه فى قبلة المسجد، وكان له عادة غريبةٌ وهي أنه يمدُّ يده، فيقفُ الناس طابوراً طويلاً، فيصافحونه، ويقبِّلون يده وجبهته، ويُسُّر إليه كل واحد بما يريد، وكنت العاشرَ فى هذا الطابور، فقلت في نفسى: وما عاشر عشرة من الشيخ ببعيد!
فلما جاء دوري، قبَّلتُ يده وجبهته، وقلت له: إنَّ الحديث الذى ذكرتموه في الجمعة الماضية - وسميتُه - قال عنه ابن القيم أنه موضوع.
فقال لى: بل هو صحيح، فلما أعدت عليه القول، قال كلاماً لا أضبطه الأن لكن معناه أن ابن القيم لم يُصِب في حكمه هذا، ولم يكن هناك وقت للمجادلة، لأن من فى الطابور ينتظرون دورهم!
ومما حزَّ فى نفسى أن الشيخ سألنى عن العلة فى وضع الحديث فلم يكن عندى جواب، فقال لى: يابنى! تعلم قبل أن تعترض، فمشيت من أمامه مستخذياً؛ كأنما ديكٌ نقرنى!
وخرجت من مسجد ((عين الحياة)) ولدىَّ من الرغبة في دراسة علم الحديث ما يجلُّ عن تسطير وصفه بنانى، ويضيق عطنى، ويكُّل عن نعته لسانى،