منه الهفوة والزلَّة، هو فيها معذورٌ بل مأجورٌ لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامتُهُ فى قلوب المسلمين)) . اهـ.
وقال الذهبى رحمه الله فى ترجمة ((محمد بن نصر المروزى)) من ((سير النبلاء)) (١٤ / ٤٠) : " ولو أنا كُلَّمَا أخطأ إمام فى اجتهاده فى آحاد المسائل خطأً مغفوراً له، قمنا عليه وبدَّعْنَاه، وهجرناه، لما سلم معنا لا ابن نصر، ولا ابن مندة، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادى الخلْق إلى الحق وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة " اهـ.
وقد وقفت على كلام جميل فى ها المعنى لابن حبان رحمه الله.
فقال فى ((كتاب الثقات)) (٧ / ٩٧ - ٩٨) فى ترجمة: ((عبد الملك ابن أبى سليمان العرزمىّ)) قال: " ربما أخطأ.. وكان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالبُ على من يحفظ ويحدِّثُ من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخٍ ثبت، صحَّت عدالته بأوهام يهم فى روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا تركُ حديث الزهرى، وابن جريج والثورىّ وشعبة، لأنهم أهل حفظٍ وإتقانٍ، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا فى الروايات، بل الاحتياطُ والأولى فى مثل هذا قبول ما يروى الثبت من الروايات، وترك ما صحَّ أنه وهم فيها، ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ " اهـ.
قُلْتُ: وشيخنا أبو عبد الرحمن رجل من بنى آدم، يصيب كما يصيبون ويخطىء كما يخطئون، ولم يدع لنفسه عصمة من مقارفة الزلل، ولا أمنا من مواقعة الخطل، وكتبُهُ شاهدةٌ على ذلك، لا سيما ما جدَّد طبعه فى هذه