فقد أخذت بعض كلام الكرمانى ورددت عليه، ونص كلامه فى " شرح البخارى " (٥/١٣٩) : " وفيه حجةٌ على من قال: إن الركعتين الأخريين إن شاء لم يقرأ الفاتحة فيهما. فإن قلت: من أين عُلم الوجوب؟ قلت: من استمرار فعله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن تركيب:" كان يفعل " مفيدٌ له، ومن قوله: صلوا كما رأيتمونى أصلى " انتهى. فقد استدلَّ الكرمانى على الوجوب بدليلين لم يتعرض لهما العينى، فلا زالت الدعوى قائمة.
أما ما ذكره العينى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه وعقب عليه بقوله: " وكفى به قدوة " وكذلك نقول: كفى به قدوة إذا صح السند إليه، فكان ينبغى له أن ينقل كلام ابن المنذر كلَّه، إذن لتبين أنه ليس بحجةٍ.
فقد قال ابن المنذر فى " الأوسط " (٣/١١٤) : حدثنا محمد بن على، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا أبو الأحوص وخديج، عن أبى إسحاق، عن الحارث، عن على قال: افرأ به فى الأوليين وسبح فى الأخريين. ثم قال ابن المنذر: فأما حديث الحارث فغيرُ ثابتٍ، كان الشعبى يكذبه. وقد روى عن على من حديث الحارث عنه أن رجلاً جاءه، فقال: إنى قد صليت ولم أقرأ؟ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم. قال: تمت صلاتك، وكان اللازم لمن احتج بحديث الحارث، عن على أنه قال: يقرأ فى الأوليين، ويسبح فى الأخريين أن يقول بهذه الرواية، فإن وجب ترك هذه الرواية لأن الحارث رواها وجب ترك الأولى، وإلَاّ فاللازم لمن جعل رواية الحارث فى القراءة فى الأوليين والتسبيح فى الأخريين حجة بأن يقول بهذه " اهـ.