ثم أحققها بعد ذلك على مهل، وأخرج أحاديثها، ثم نطبعها، وكل ذلك على فترات لكى لا أشق على نفسى! فلما وصل الناسخ إلى منتصف الرسالة، أبلغنى أن فيها نقصاً، فأمرته بأن يتابع نسخها حتى ينتهى منها، ثم قابلتها معه على الأصل، فتأكدت من النقص الذى أشار اليه، وأقدره بأربع صفحات فى ورقة واحدة فى منتصف الكراس، فأخذت أفكر فيها، وكيف يمكننى العثور عليها؟ والرسالة محفوظة فى مجلد من المجلدات الموضوعة فى المكتبة تحت عنوان (مجاميع) ، وفى كل مجلد منها على الغالب عديد من الرسائل والكتب، مختلفة الخطوط والمواضيع، والورق لونا وقياسا، فقلت فى نفسى، لعل الورقة الضائعة قد خاطها المجلد سهوا فى مجلد آخر من هذه المجلدات! فرأيتنى مندفعا بكل رغبة ونشاط باحثا عنها فيها، على التسلسل. ونسيت أو تناسيت نفسى، والوضع الصحى الذى أنا فيه! فإذا ما تذكرته، لم أعدم ما أتعلل به، من مثل القول بأن هذا البحث لا ينافيه لأنه لا يصحبه كتابة ولا قراءة مضنية!
وما كدت أتجاوز بعض المجلدات، حتى أخذ يسترعى انتباهى عناوين بعض الرسائل والمؤلفات، لمحدثين مشهورين، وحفاظ معروفين، فأقف عندها، باحثا لها، دارسا إياها، فأتمنى لو أنها تنسخ وتحقق، ثم تطبع، ولكنى كنت أجدها فى غالب الأحيان ناقصة الأطراف والأجزاء، فأجد الثانى دون الأول مثلا، فلم أندفع لتسجيلها عندى، وتابعت البحث عن الورقة الضائعة، ولكن عبثا حتى انتهت مجلدات (المجاميع) البالغ عددها (١٥٢) مجلداً، بيد أنى وجدتنى فى أثناء المتابعة أخذت أسجل فى مسودتى عناوين بعض الكتب التى راقتنى، وشجعنى على ذلك، أننى عثرت فى أثناء البحث فيها على بعض النواقص التى كانت قبل من الصوارف عن التسجيل.