وهى دراسة هذه الكتب، دراسة دقيقة، واستخراج ما فيها من الحديث النبوى مع أسانيده وطرقه، وغير ذلك من الفوائد. فإنى كنت فى أثناء المرحلة الثانية، التقط نتفاً من هذه الفوائد لتى أعثر عليها عفوا، فما كدت أنتهى منها حتى تشبعت بضرورة دراستها كتاباً كتاباً، وجزءاً جزءاً. ولذلك فقد شمرت عن ساعد الجد، واستأنفت الدراسة للمرة الثالثة، لا أدع صحيفة إلا تصفحتها، ولا ورقة شاردة إلا قرأتها، واستخرجت منها ما أعثر عليه من فائدة علمية، وحديث نبوى شريف، فتجمع عندى بها نحو أربعين مجلداً، فى كل مجلد نحو أربعمائة ورقة، فى كل ورقة حديث واحد، معزوًّا إلى جميع المصادر التى وجدتها فيها، مع أسانيده وطرقه، ورتبت الأحاديث فيها على حروف المعجم، ومن المجلدات أغذى كل مؤلفاتى ومشاريعى العلمية، الأمر الذى يساعدنى على التحقيق العلمى، الذى لا يتيسر لأكثر أهل العلم، لا سيما فى هذا الزمان الذى قنعوا فيه بالرجوع إلى بعض المختصرات فى علم الحديث وغيره من المطبوعات! فهذه الثروة الحديثية الضخمة التى توفرت عندى؛ ما كنت لأحصل عليها، لو لم ييسر الله لى هذه الدراسة بحثا عن الورقة الضائعة! فالحمد الله الذى بنعمته تتم الصالحات.
وإن من ثمراتها المباركة أننى اكتشفت فى أثنائها بعض المؤلفات والأجزاء والكراريس القيمة التى لم يكن من المعلوم سابقًا وجودها فى المكتبة أصلا، أو كاملة، لذهاب الورقة الأولى وغيرها منها التى بها يمكن عادة الكشف عن هوية المؤلِّف والمؤلَّف، أو لإهمال الناسخ كتب ذلك على نسخته من الكتاب، أو غير ذلك من الأسباب التى يعرفها أهل الاختصاص فى دراسة المخطوطات، ولذلك خفيت على (بروكلمن) وغيره من المفهرسين، فلم يرد لها ذكر فى