للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بالحسني وزيادة، إذ الإطلاع علي كتبه كان فاتحة الخير العميم لي، وأبدأ الحديث أسوقه من أوًلِهِ.

ففي صيف عام (١٣٩٥هـ) كنت أصلي الجمعة في مسجد ((عين الحياة)) ، وكان إمام إذ ذاك، الشيخ عبد الحميد كشك (١) -حفظه الله تعالي -، وكان تجار الكتب يعرضون ألواناً شتى من الكتب الدينية أمام المسجد، فكنت أطوف عليهم وأنتقي ما يعجبني عنوانه، فوقعت عيني يوما علي كتاب عنوانه ((صفة صلاة النبي صلي الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها)) . تأليف محمد ناصر الدين الألبانى. فراقني اسمه. فتناولته بيدي، وقلبت صفحاته، ثم أرجعته إلي مكانه، لأنه كان باهظ الثمن لمثلي، وكان إذ ذاك بثلاثين قرشا! ومضيت أتجول بين بائعي الكتب، فوقفت علي كتاب لطيف الحجم بعنوان ((تلخيص صفة صلاة النبي صلي الله عليه وسلم)) . ففرحت به فرحة طاغية، ولم أتردد في شرائه وكان ثمنه خمسة قروش، ولم أشتري غيره، لأنه أتي علي كل ما في جيبى! ومن فرحتي وإغتباطي به قرأته وأنا أمشى في طريقي إلي مسكني مع خطورة هذا المسلك علي من يمشي في شوارع القاهرة، ولما أويت إلي غرفتي تصفحت الكتاب بإمعان، فوجدته يدق بعنف ما ورثته من الصلاة عن آبائي إذ أن كثيرا من هيئتها لا يمت إلي السنة بصلة، فندمت ندامة الكُسعِيِّ (٢) اننى لم أشتر الأصل، وظللت


(١) ثم توفي الشيخ رحمه الله في رجب (١٤١٧هـ) اللهم اغفر له وارحمه، وارض عنه كفاء ما نافح عن دينك، وما جاهر بكلمة الحق.
(٢) وفي " لسان العرب " (٤/٣٨٧٦) قال: " والكسعي الذى يضرب به المثل في الندامة، وهو رجل رام رمي بعد ما أسدف الليل عيرا فأصابه، وظن أنه أخطأه فكسر قوسه، وقيل: وقطع أصبعه ثم ندم من الغد حين نظر إلي العير مقتولا وسهمه فيه، فصار مثلا لكل نادم علي فعل يفعله، واياه عني الفرزدق لما قال:
= ندمت ندامة الكسعى لما ... غدت مني مطلقة نوار
وقول الآخر:
ندمت ندامة الكسعى لما ... رأت عيناه ما فعلت يداه "
وذكر ابن منظور سببا آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>