أحلم بيوم الجمعة المقبل - وأدبِّر ثمن الكتاب طوال الأسبوع -، وأنا خائفٌ وجلٌ أن لا أجده عند البائع، وكنت أدعو الله أن يطيل في عمرى حتى أقراه، ومَنَّ الله علىَّ بشرائه فلما تصفحته؛ ألقيت الألواح، ولاح لي المصباح ُ من الصباح! وهزَّنى هزَّا عنيفاً، لكنه كان لطيفاً؛ مقدمته الرائعة الماتعة في وجوب اتباع السُّنة، ونبذ ما يخالفها تعظيماً لصاحبها صلي الله عليه وسلم، ثُمَّ نقوله الوافيه عن ائمة المسلمين، إذ تبرأوا من مخالفة السنة أحياء وأمواتا، فرضي الله عنهم جميعا، وحشرنا وإياهم مع الصادق المصدوق - بأبى هو وأمى - وقد لفت إنتباهى جدا حواشى الكتاب - مع جهلى التام آنذاك بكتب السنة المشهورة فضلا عن غيرها من المسانيد والمعاجم والمشيخات وكتب التواريخ، بل لقد ظللت فترة فى مطلع حياتى - لا أدرى طالت أم قصرت - أظن أن البخاريُّ صحابيُّ، لكثرة ترضى الناس عنه.
وعلى الرغم من عدم فهمى لما فى حواشى الكتاب، إلا اننى أحسستُ بفحولة وجزالة لم أعهدها فى كل ما قرأتُهُ، فملك الكتاب على حواسّي، وصرت فى كلِّ جمعة أبحث عن مؤلفات الشيخ ناصر الدين الألبانى، ولم تكن مشهورةً عندنا في ذلك الوقت، لكساد الحركة العلمية، فوقفت بعد شهرٍ تقريبا على جزء من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " - المائة حديث الأولى، فاشتريته في الجمعة التى تليها لأتمكن من تدبير ثمنه.
أمَّا هذا الكتاب فكان قاسمة الظهر التى لا شوى لها! ، وهو الذى رغَّبنى فى دراسة علوم الحديث.