أليس في قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} تحديد للهدف من رسالة محمد؟ إنها رسالة غايتها أن تكون رحمة للناس جميعًا، وليست رسالة خاصة بقوم، أو بعنصر، أو بفئة، أو بطبقة من العالمين.
وقد جاءت الآية في سورة "سبأ":
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاس} مؤكدة هذه الحقيقة من حقائق هذه الرسالة الإسلامية.
ولما كانت هذه الرسالة ذات هدف عالمي شامل كان الرسول صلوات الله عليه مأمورًا بأن يخاطب بها الناس على وجه العموم، دون تفريق بين قوم وقوم، ولا بين فئة وأخرى، فكل من بلغته دعوته فهو داخل في عموم خطابه، ولا يستثنى من ذلك شاهد ولا غائب، سواء عاصر رسالته، أم جاء بعدها، وسواء نطق بلغته أم لم ينطق بها، ولكن ترجمت له. وإعلانًا عن ذلك قال الله له في سورة "الأنبياء":
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} أي فقل للعالمين، إنما يوحى إلي إنما إلهكم أيها العالمون إله واحد، وأنتم جميعًا مدعوون إلى الإسلام، فهل أنتم مسلمون؟ فإن تولوا مدبرين فقل لهم: آذنتكم -أي أعلمتكم- على سواء، دون تفريق بين عربكم وعجمكم وأبيضكم وأسودكم وسائر ألوانكم وأجناسكم، ودون تفريق بين ذكوركم وإناثكم، ولا بين سادتكم وعبيدكم، ولا بين أغنيائكم وفقرائكم، فكلكم تجاه هذه الرسالة الربانية على صعيد سواء.
وإعلانًا عن ذلك أيضًا قال الله له في سورة "الأعراف: ٧ مصحف/ ٣٩ نزول".