للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمسلمون كل المسلمين سواء أمام الحق، وبين يدي القضاء، وفي تقدير الكفايات، وإيجاد فرص العمل المتكافئة للجميع، وهي اقتباس العلم والمعرفة، لا تمييز بين عنصر منهم وعنصر، ولا بين فئة وفئة، ولا بين طبقة وطبقة، ولا بين قوم وقوم، ولا بين نساء ونساء.

وحينما تدعو طبيعة الحياة للتفاضل فإنما يكون التفاضل معتمدًا على التمايز بين الأفراد بخصائصهم الفردية الفطرية والمكتسبة، ففي مجال العلم يقدم العلماء، وفي مجال الشجاعة يقدم الشجعان، وفي مجال القوة يقدم الأقوياء، وفي مجالات الذكاء يقدم الأذكياء، وفي مجالات الأعمال يقدم الأكفياء لها، وفي مجالات التربية يقدم الأقدر عليها، وفي مجال الولاية يقدم الأجدار لها، وهكذا في سائر المجالات.

وشواهد مراعاة العدل بين الناس في نصوص الشريعة الإسلامية كثيرة جدًّا، فلنأت منها بالكليات الكبرى.

١- العدل في مجال حق الحياة:

لقد قرر الإسلام أن نفس المسلم مكافئة لنفس المسلم في حق الحياة، مهما كانت الفوارق الشخصية، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني, والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة".

وبناء على هذا كان من العدل أن يقتل القائل عمدًا وعدوانًا بحكم الاقتصاص -مهما كان رفيع المكانة الاجتماعية وعظيم الخصائص الفردية- بأخيه القتيل المسلم مهما كان وضيع المكانة الاجتماعية منحط الخصائص الفردية لأن أصل الحياة لأي إنسان مساوٍ لأصل الحياة لأي إنسان آخر، والحياة من هبات الخالق، فلا حق لأحد أن يعتدي عليها أو يطردها من الوجود إلا بإذن أو أمر من خالق الحياة وواهبها.

فمن اعتدى عليها عرض نفسه للقصاص العادل بحكم الإسلام.

وهنا نلاحظ أن القرآن يتجاوز في هذا المجال عن كل الفروق الشخصية

<<  <   >  >>